الفن العاشر ( حكايات راوى ): رواية عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف - الحلقة الثالثة
فيس بوكتويتر لينكد ان بنترست واتس ابجوجل نيوز

رواية عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف - الحلقة الثالثة

عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف

عندما يتحول الربوت لقطعة من الخبز الحاف - الحلقة الثالثة



لقد ذكرنا في الحلقة الأولى انه بعد منتصف الليل يسمع بطل روايتنا "أسير" صوت جلبة بمخزن الدقيق

الحلقة الثالثة

في غرفة نومي، مساءً أسمع الجلبة كالمعتاد، فأُتابع بشغف، الفيديو الذي تنقله الكاميرا للاب.

أن أحتفظ بعقلي بعد ما رأيت يعتبر إعجاز، فالاحتفاظ بالعقل في هذا الموقف أمر صعب جدًا، لكني نجحت الحمد لله في عدم فقده. 

نعم أنها معجزة، من معجزات هذا الزمان.

لقد ظهر المنبه يعمل في الفيديو والمصيدة كما هي، لم يقترب منها كائنًا ما كان.

فأنزل ومعي اللاب هذه المرة، لأتابع المخزن فترة نزولي، لأتأكد من أنه لم يحدث شيءٌ جديد في تلك الفترة.

بالفعل لم يحدث شيء بالفيديو المرسل، ولكن في المخزن كان الوضع مختلف، كانت المصيدة مغلقة، ولا يوجد بها قطعة الخبز.

أنظر للفيديو أجد كل شيء كما كان من قبل، وأنظر للمصيدة أجدها مغلقة ولا يوجد بها قطعة الخبز!.

نعود للشبح، فلا يمكن أن يفعل مثل تلك الأفعال، الا الأشباح، ولكن يتكرر نفس السؤال برأسي، هل تأكل الأشباح الخبز، هل يفعل هذا الشبح ما يفعله، من أجل أن أضع له قطعة الخبز بالمصيدة ليأكلها؟.

وهل تحدث الأشباح جلبة؟!

أنظر للميكرفون المعلق على الحائط وأغمغم وأنا أشير له بالسبابة وأنا أهزها بعنف، لأتخلص من حالة الغضب التي اعترتني: هل هذا الميكرفون شديد الحساسية لدرجة أنه ينقل لي حركة الأشباح؟!

أرد على نفسي بسخرية: ربما.

ولكني أقول لنفسي في احباط، وأنا عائد لغرفة نومي: هل يمكن لهذا الميكرفون أن ينقل لى صوت حركة الأشباح حقًا؟

وهل مهما بلغت درجة حساسيته أن يستطيع أن ينقل أصوات حركة الأشباح؟

ربما فلقد اخترت ميكرفون شديد الحساسية لنقل أقل الأصوات ضعفًا.

أجيب على هذا الاحتمال وأنا على الفراش: تحليل غير منطقي، وغير سليم، أقولها وأغيب في نوم مضطرب، وصوت يتردد في أذني تحليل غير منطقي، تحليل غير منطقي بشكل رتيب ممل، وكأنه يأتي كصدى صوت من بئر عميق حتى الصباح.

أستيقظ على رنة الهاتف، وعندما أنظر لشاشته، أجد أحد عمال المخبز يتصل بي، ليطمئن علي، فأكتشف أني لم أنزل من شقتي منذ يومين، الا مساءً، في محاولاتي المستمرة لمعرفة من المسؤول عن تلك الجلبة، ومن الذي يأكل الخبز، ويخرج من المصيدة وهي مغلقة؟.

شبح، نعم هو شبح.

أنت رجل متعلم، خريج هندسة قسم حاسب آلي، تقوم بتصنيع روبوتات، ولا يمكن لمثلك، أن يفكر بهذه الطريقة، ثم أواصل: لماذا أهدر وقتي في هذا الهراء؟، المخزن لم يحدث به شيء، فلتذهب تلك الأصوات الى الجحيم اذن.

نعم لماذا أهدر وقتي في محاولة اصطياد سراب؟، فالمخزن لم يتأثر بكل ما يحدث به من جلبة.

أصمت لحظة ثم اقول: وهل يجب أن أنتظر حتى يحدث أمر ما يؤدي الى اتلاف الدقيق؟

هناك شيء غريب يحدث بالمخزن ولا بد أن أعرفه.

أنتبه لأمر ما، فأقول لنفسي فجأة في تعجب: هل هذا معقول؟!، هل حقًا أصبح الخيال حقيقة؟، ولكن هل تأكل تلك الكائنات الخبز الجاف؟، ولماذا هبطوا لمخزني أنا بالذات؟.

نعم رأيت الكائنات الفضائية في الأفلام الأمريكية، ولكن لم يستطع أحد أن يراها في الحقيقة، ومن ادعى أنه رآها لم يستطع أن يثبت لنا هذا الامر، فهل أكون أنا أول شخص يراها، ولكني حتى الآن لم أرَ شيئًا.

وبعد لحظة صمت يبرق في رأسي سؤال، أهمس به لنفسي: ان كان حقًا الموجود بمخزني كائن فضائي، فأين مركبته التي هبط بها الى كوكبنا؟، هل تركها فوق سطوح عمارتي هذه، أم على سطح عمارة أخرى؟. 

أهم لأخرج من غرفة نومي متجهًا للسطوح، ولكني اتراجع وأنا أقول: هل جننت، هل ستصعد لسطوح العمارة لتتأكد من أكذوبة قفزت الى رأسك.

لما لا؟، ان الاحتمال الوحيد الصحيح في كل تلك الاحتمالات، هو ان من يعبث بالمخزن كائن فضائي ذكي، له القدرة العلمية والتكنولوجية على خداع الكاميرا، وأخذ قطعة الخبز واغلاق المصيدة بعد ذلك، ولكن لماذا يفعل كائن فضائي معي هذه الأشياء الغير منطقية؟!، اواصل تأمل المسألة واهمس لنفسي: ان كان الموجود بالمخزن كائن فضائي، فلماذا لم اراه في الكاميرا أو أثناء تواجدي بالمخزن؟ 

ربما كان جسمه شفاف يُنفذ الضوء، ولا يمتص منه شيئًا، وربما خامات مركبته أيضًا تُنفذ الضوء، ولهذا لم أتمكن من رؤيته او رؤية مركبته، وربما يتمكنون من التلاعب بالضوء، بحيث يمكنهم إنفاذه أو عكسه حسبما يريدون.

لو أن هذا الافتراض صحيح، اذن فهناك كائن او مجموعة من الكائنات الفضائية مع مركبتهم يحتلون مخزني.

فكيف سأتخلص منهم، واطردهم من مخزني ان كان هذا الافتراض صحيحًا؟

أتأكد أولًا انهم كائنات فضائية، وبعد ذلك أفكر في طريقة التخلص منهم.

يقتحم عقلي سؤال: هل تحاول هذه الكائنات التواصل معي؟، ويمهدون لهذا التواصل بهذه الطريقة حتى لا أفاجأ بهم عند ظهورهم لي، لكن لماذا يتواصلون معي؟، وما الذي يمكن أن أقدمه لهم؟، انتبه من هذه التأملات وأقول: ما هذا الذي أفكر فيه؟ لقد قمت بتأليف سيناريو ويبدو أني صدقته.

ما هذا الذي أراه؟، لقد ظهر فجأة أمامي.

يلاحظ انزعاجي وخوفي فيقول: لا تخف، فأنا لم أتي الى هنا لأضرك.

 كان كائن في حجم الفأر، ووجهه يشبهه تمامًا، ولكنه يسير على قدمين، فأقول له: من انت؟

- لقد هبطت اليك من كوكبنا الأرد

لفت نظري اسم كوكبه، فهو قريب جدًا من اسم كوكبنا، فأقول له: اذن انت كائن فضائي

- نعم، ولقد كنا نبحث عن حياة في الكون كله حتى وجدناكم

أضحك وأقول له: ان علماء الفضاء على كوكبنا يبحثون عن حياة في الكون مثلكم، ولكنهم حتى هذه اللحظة لم يصلوا لشيء

- اذن أنتم تبحثون عنا، مثلما نبحث نحن عنكم

- نعم 

انتبه للغته فأسأله: هل تتحدث العربية 

- هي اللغة التي يتحدث بها كل كوكبنا 

انظر له وأسأله: كيف ظهرت فجأة هكذا؟

يضحك ويرد: نحن كائنات عندها القدرة على ان تجعل الضوء ينفُذ من خلالها أو أن تجعله ينعكس من عليها....... أقاطعه وأقول له باستهزاء: ولكنك كائن صغير ضعيف، فكيف تنزل الينا؟، ألا تخاف أن يتم الاعتداء عليك والاستهزاء بك!

يضحك بصوت عالي لا يتناسب مع حجمه ويقول: نحن نعرف طبيعتكم، فلقد درسناكم جيدًا قبل ان نقرر التواصل معكم، وهذه ليست رحلتي الأولى، ويبدو انه قد فاتك أمر مهم وضحته لك منذ قليل.......... أقاطعه: انك تستطيع ان تختفي في لحظة، ولكن كيف تتمكنون من فعل هذا الأمر؟

- لدينا القدرة على ان نباعد بين جزيئات أجسامنا في الفراغ بسرعة كبيرة فنتلاشى ونختفي، ولدينا القدرة على تجميعها مرة أخرى بنفس السرعة

- وكيف تفعلون هذا؟

- هي قدرة منحنا ايها الله كي نهرب من الكائنات المتوحشة الموجودة على كوكبنا، ولا نعرف كيف تحدث.

- هل يمكن ان تتباعد جزيئاتك بحيث تصبح شفاف الآن؟، لأرَ بعيني هذا الأمر العجيب

- انا لم أحضر هنا لهذا العبث، ولا تجعلني اشعر أني لم أُحسن الاختيار، فلقد اخترتك لأنك عالم متخصص في علوم الحاسب الآلي، وعلم الروبوت....... أقاطعه وأنظر له وهو يقف تحت قدماي، وأسأله:  ولماذا اخترتني أنا؟، وما هو المطلوب مني؟

وقبل أن يجيب أمسك بكوب وأضعه عليه لأحبسه به، ولكن في لحظة ينفجر الكوب وتتناثر اجزائه في كل مكان مع صوت انفجار رهيب، اهتزت له أركان الغرفة.

أفتح عيناي وأفركهما بيداي وأقول في فزع: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسبب هذا السيناريو العجيب الذي تخيلته ظهر لي هذا الكائن في غفوتي.

أقوم من السرير، وأنظر في ساعة الهاتف، فأجدها العاشرة والنصف صباحًا، أجهز طعام الافطار، واثناء افطاري اغوص في لحظة من السكون التام، فتبرق فكرة أخرى برأسي في تلك اللحظة، فأمسك بها كسابقتها، قبل أن تهرب من رأسي مع نور البرق.

وعلى الفور بدأت في التنفيذ، فلقد أوصلني ما يحدث بالمخزن، والحيرة التي انتابتني بسببه، لأن أفعل أي شيء، مهما كانت درجة جنونه، كي أتبين ما يحدث بالمخزن .


الحلقة الرابعة

ليست هناك تعليقات: