الفن العاشر ( حكايات راوى ): رواية عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف- الحلقة الأولى
فيس بوكتويتر لينكد ان بنترست واتس ابجوجل نيوز

رواية عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف- الحلقة الأولى

عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف - الحلقة الأولى

رواية قصيرة، "قصة خيالية عن الروبوتات"

عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف

الحلقة الأولى


عندما يتحول الربوت لقطعة من الخبز الجاف - الحلقة الأولى
رواية الخيال العلمي، عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف

أنا "أسير"، "هذا هو اسمي"، أبلغ من العمر خمسة وثلاثون عامًا، خريج هندسة قسم حاسب آلي، وأعشق الروبوتات، منذ زمن بعيد.

لدي معمل بأحد غرف مسكني، به ورشة كاملة لتصنيع الروبوتات.

ولدي خبرة بالمخابز، لأن والدي كان يمتلك مخبزًا، بحي عابدين، وكنت أعاونه في ادارته.

لهذا اشتريت مخبزًا، وشقة بمدينة بدر، لأن أسعار المحلات، والشقق بها تتناسب مع قدراتي المادية.

ولقد اشتريت هذا المخبز، والمخزن الملاصق له في الجدار، منذ أربعة أشهر.

واشتريت أيضًا الشقة، التي أقطن بها حاليًا - وهي في الدور الأول، فوق المخبز والمخزن - من الميراث، الذي ورثته عن أبي، بعد أن أضفت اليه، ما أملك من المال، الذي كسبته من عملي، الذي تركته، لأتفرغ لأبحاثي، في مجال صناعة الإنسان الآلي "Robot" ودراستي العليا، بعد أن بعنا مخبز والدي، أنا وأخوتي بعد وفاته، والمخبز يعمل حتى الساعة الثانية عشرة مساءً.

لقد ذكرت موعد الإغلاق، لسبب ستعرفونه لاحقًا.

ذات يوم من الأيام، مع تمام الساعة الواحدة مساءً، في بداية شهر يناير، وسكون الليل يغلف المكان بحالة من الصمت الرهيب، استيقظت على صوت جلبة بمخزن الدقيق. 

لقد سمعت هذه الجلبة، من خلال السماعة التي أضعها بجوار سريري، والمتصلة بميكرفون شديد الحساسية، قمت بتركيبه بالمخزن، لينقل أي صوت، مهما كان ضعيفًا، ليوقظني أذا حاول اللصوص سرقته ليلًا، حيث أن السكون في هذه المدينة الجديدة مساءً، يشجع اللصوص على السرقة، ولهذا لجأت لهذه الحيلة.

انزل الى المخزن، ومعي مسدسي، فأجد المخزن مغلقًا فأفتحه، ثم أفتح النور، كي أعرف سبب الجلبة، فلا أرَ غير شكائر الدقيق، مرصوصة فوق بعضها، وعندما عدت لشقتي، عادت الجلبة بعد فترة، لتمنعني من النوم بضجيجها، فنزلت مرة أخرى، ولكني وجدت المخزن مغلقًا، هذا يعني، أن أحدًا لم يفتحه ليسرقه، فهمست لنفسي: لولا أني قد صنعت فلتر الكتروني، لمنع صوت الريح من الوصول للسماعة، لقلت ان ما أسمعه، هو صوت الريح، ولهذا تيقنت بأن بالمخزن فأرًا، فصعدت لغرفتي، واُضطرت الى اغلاق السماعة، حتى أتمكن من النوم، ولقد شجعني على اغلاقها الجو، "حيث أنه كان شديد البرودة، والأمطار بدأت تهطل بغزارة"، مما يجعل سرقة المخزن في هذ الجو، صعبة جدًا، فمن سيحاول سرقة الدقيق، في هذا الجو، سيأخذه وقد تعجن، من هذا المطر الذي يهطل بغزارة الآن، وقبل أن أغيب في النوم، أقرر شراء مصيدة، لاصطياد هذا الفأر غدًا. 

مع بزوغ نور صباح، اليوم التالي، وأول ما فعلته، هو الذهاب الى القاهرة، لشراء المصيدة، بعد أن استيقظت من النوم، ولقد شجعني الجو على الذهاب، لأنه كان معتدلًا، بعد ليلة مطيرة.

بعد شرائها، وضعتها بالمخزن، ووضعت بها قطعة من الخبز الجاف.

وفي المساء، كاليوم السابق، مع سكون الليل أسمع الجلبة؛ انزل وأفتح المخزن، ومع إضاءة نور المخزن.......

ارى ما لم أكن لأتوقعه.

وأتسأل في هلع: ما هذا الذي أراه؟. أنه أمر غير مفهوم، أمر ضد المنطق.

هل سكن الجن مخزني، نعم ان ما أراه الآن، لا يمكن أن يكون من فعل فأر.

أقول هذا، وأنا أهرول خارجًا من المخزن، من شدة الخوف، وأصعد لغرفتي، وأنا في حالة من الهلع الشديد، وأنا أردد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

في غرفتي، أحاول أن أفهم ما حدث، بعد أن هدأت بعض الشيء، وأقول لنفسي: لو كان ما يُحدث الجلبة فأرًا، لقطع شكائر الدقيق، ليأكل منها، وملأ المخزن بروثه، ولكن. الشكائر لا يوجد بها ثقوب، ولا يوجد بالأرض غير الدقيق، الذي يسقط من الشكائر، عند تخزينها، أو أخذ بعضها لصنع الخبز - فعلى الرغم، من حالة الرعب التي انتابتني، ركزت على ان أتأكد، من هاتين الملاحظتين، قبل أن أخرج مسرعًا من المخزن – فألوم نفسي على شراء المصيدة، وأقول: لماذا لم أتأكد من هذا الأمر، قبل شراءها؟،،،، لو فعلت هذا، ما كنت كلفت نفسي، عناء الذهاب للقاهرة لشرائها.

ثم أنتبه لشيء آخر، قد غاب عني، جعلني أتأكد من أن شراء تلك المصيدة، كان خطئًا كبيرًا، وهو أن الفئران تكون في حالة بيات شتوي، في هذا التوقيت من العام.

أفيق من تأملاتي التي انتابتني، وأقول لنفسي: اذن ما رأيته بالمخزن، من فعل الجن، هذا هو التفسير الوحيد لما رأيت. 

احاول أن أشجع نفسي، للنزول مرة أخرى للمخزن، للتأكد مما رأيت، فربما خدعني نظري، وما رايته ربما كان مجرد تهيأت.

اقوم من فراشي، وأتجه للباب بخطوات متثاقلة مضطربة، أفتح الباب بيد مرتعشة، أخرج من الباب، فتضربني برودة ليل الشتاء، وأنا أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأتمتم ببعض آيات القرآن، ليحميني الله، ان كان ما يحدث الجلبة بالمخزن جن.

بعد خروجي من باب الشقة، ونزولي بضع سلالم، أهرول عائدًا، وأغلق الباب بسرعة خلفي، أسأل نفسي، وأنا أقف أمام الباب: أمن الخوف، أم من البرد عدت؟، أواصل بنبرة كلها لوم لنفسي: بالتأكيد الخوف، هو من منعني، فأشجع نفسي، وأنا أمد يدي المرتعشة كي أفتح الباب، مرة أخري، وأغمغم: لابد أن أتغلب على هذا الخوف، لأعرف ما الذي يحدث بمخزني، لا يمكن أن أترك الخوف، يجعلني أتردد في النزول.

أرد على نفسي، وأقول: ولما لا أنتظر، وفي الصباح أحاول معرفة ما حدث؟

أعود لسريري، وأقفز فيه مسرعًا، وأجذب الغطاء على جسدي، وأهرب من فكرة النزول الى النوم، والجلبة تملأ الغرفة بضجيجها، فتمنع النوم من أن يأتي، فأغلق السماعة كما فعلت بالأمس.

وفي الصباح الباكر، قبل أن يأتي العمال لبدء العمل بالمخبز، أنزل الى المخزن، وامد يدي الى قفل المخزن في تردد، فأقوم بتأنيب نفسي قائلًا: هل تخاف، فأرد: نعم، الانسان بطبعه يخاف من مواجهة ما لا يستطيع فهمه؟، فأواصل: لكن لا بد أن تكون شجاعًا، لتعرف ما يحدث بمخزنك.

أفتح المخزن على عجل، كشخص يريد أن يتخلص من مهمة ثقيلة بإنجازها بسرعة، وبعد أن دخلت، تأكدت ان ما رأيته بالأمس، لم يكن وهمًا، فلقد وجدت المصيدة بالفعل مغلقة، وقطعة الخبز الجاف قد اختفت منها، تلك التي وضعتها بها لتغري الفأر للدخول اليها، كي تصطاده........ ولكني لم أجد فأرًا بالمصيدة!، وهذا أمر منطقي بكل تأكيد، فالفئران في بيات شتوي الآن، فمن أكل قطعة الخبز اذن؟!.

أسأل نفسي، وأنا أخرج مسرعًا من المخزن، وانا في قمة الرعب والهلع، وأُغلقه بيد مرتعشة مضطربة.

ما أن وجدت نفسي أمام باب الشقة، أفتحه وأغلقه خلفي بعد دخولي، وأهرول الى غرفتي، والقي بنفسي على السرير، وأنا في حالة ذهول، وبعد أن تمالكت نفسي أقول: طالما أن الفأر لم يدخل ليأكل الخبز - لأنه ببساطة غير موجود بالمصيدة - اذن  من أغلق المصيدة، بعد أن أكل الخبز جن.

هل يمكن أن يكون هناك تفسير آخر، غير هذا؟!

بالتأكيد لا، ولكن هل يأكل الجن الخبز؟

بالتأكيد الجن لا يأكل الخبز، سواء كان جاف أو طازج.

فالمخبز ممتلئ بالخبز الجاف والطازج، ولم يأكل الجن منه شيء من قبل.

ما يدريك، ربما يأكل الخبز الجاف فقط، فأنا لا أحصي عدد قطع الخبز الجاف بالمخبز.

ما هذا الهراء الذي أقوله؟، الخبز في كل مكان، ولم أسمع يوما أن أحد اشتكى من نقص خبزه من قبل، حتى في تلك البيوت التي يدعي أصحابها بأنها مسكونة بالجن.

اذن من أكلها هو هذا الفأر، المختبئ في مكان ما بمخزني.

ان كان الفأر هو من أكلها، فكيف خرج من المصيدة، وهي مغلقة؟.

وان لم يكن الذي يحدث الجلبة بالمخزن فأر، فمن اذن الذي يحدثها؟.

لا يوجد غير تفسير واحد اذن، وهو: أن المخزن قد سكنه الجن.

هل يوجد تفسير آخر، لا أظن.

لو افترضنا هذا التفسير صحيح، وكان الجن هو من يحدث الجلبة بالمخزن، فهل يأكل الجن الخبز؟.

أردد هذا السؤال بنفسي مرة أخرى، وأواصل: وهل يحدث الجن جلبة، بالمكان ان وجد ؟.

ربما يأكل الجن الخبز، فأنا لا أعرف أي شيئًا عن الجن.

لنفترض أنه هو من أكلها، فهل يحدث هذه الجلبة والضوضاء؟.

أغمغم ساخرًا من نفسي: الجن في كل مكان حولنا، ولا نسمع له صوت.

فأسأل نفسي: من الذي يُمكن أن يساعدني، في الإجابة عن تلك الأسئلة؟

للأسف، لا أحد يمكنه مساعدتي؛  لهذا أجد نفسي تهت، في متاهة من الأسئلة، التي لا توجد لها اجابة، تخرجني منها، فأحاول أن أتوقف عن ترديد المزيد منها، ولكني أفشل.

فأقول في حزم لنفسي: لا بد، أن أُوقف هذا السيل المتدفق في رأسي من الأسئلة - تلك التي كَّونت بحرًا متدفقًا، برأسي دفعني لأغرق في تلك المتاهة بأمواجه المتضاربة، لأتمكن من الوصول للحقيقة، وأواصل: النجاح يحتاج لإلهام، وصبر فى مواجهة التحديات والعقبات، اليس هذا ما تعلمته من أبحاثي، وتجاربي في علم الروبوتات؟، وأغمغم: ويحتاج الى هدوء أيضًا.

تابع عندما يتحول الروبوت لقطعة من الخبز الجاف 👈 الحلقة الثانية

👈 الحلقة الثالثة

                              👈  الحلقة الرابعة

👈 الحلقة الخامسة

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

مستنية الحلقه الثانية

الفن العاشر يقول...

الحلقات كلها منشورة

غير معرف يقول...

طيب هكملها شكرا