تلخيص كتاب حى بن يقظان ( الحلقة الثانية ) 

وبعد أن ألقت الأم الطفل فى الماء وكان المد فى ذلك اليوم يصل إلى مكان لم يكن يصل إليه من قبل لشدته ، وهذا لا يحدث إلا مرة واحدة فى العام ، فدفعه الموج إلى أرض عذبة التربة غير مزروعة تتكاثف فيها الأشجار وتلتف حول نفسها مستورة عن الرياح والمطر محجوبة عن الشمس التى تأتيها فى الصباح وتتركها عند المغيب يومياً دون انقطاع لاعتدال جو هذه الجزيرة .

وانتهى وانحسر الماء عن الصندوق الموجود به الطفل فى الجزر وتركه فى مكانه، وتراكمت الرمال بهبوب الريح فى هذه الأرض حتى ارتفعت وعلت فمنعت وصول الماء للصندوق الموجود به الطفل مرة أخرى فى المد فيجذبه الماء مرة للبحر فى الجزر ، وكانت مسامير الصندوق وألواحه الخشبية قد تحركت من مكانها وتفسخت قليلاً بسبب قوة ضرب الماء للصندوق أثناء قذفه لتلك الأرض فأصبح من السهل فتحه .

ولما اشتد الجوع بالطفل وهو فى الصندوق صاح وبكى وبدأ يتحرك فى الصندوق فسمعته ظبية فقدت ولدها الذى خرج من بيته فالتقطه العقاب وأكله فلما سمعت صوت الطفل اعتقدت أنه إبنها فتتبعت الصوت حتى وصلت إلى الصندوق وبدأت تضربه بأظافرها والطفل بداخله يبكى من شدة الجوع حتى انفتح غطائه ، فلما رأته أشفقت عليه وأعطته ثديها ليرضع منه لبناً سائغا ، وأخذته وإعتبرته إبنها  وقامت بتربيته ودفع الأذى عنه حتى كبر. 

وهذا هو أصل وجود انسان على هذه الجزيرة وكيف نشأ وتربى حتى أصبح شاباً فتياً .
وأما من زعموا أن أصل وجود انسان على تلك الجزيرة قد ولد من الأرض ، فإنهم قالوا : أن بطناً من أرض  تلك الجزيرة تخمرت فيه طينة على مر السنين والأعوام ، حتى امتزجت فيها الحار بالبارد ، والرطب باليابس ، إمتزاج تكافؤ وتعادل فى القوى ، وكانت هذه الطينة المتخمرة كبيرة جداً ، وكان هناك اختلاف بين أجزائها فى اعتدال الإمتزاج والإستعداد لتكون الأمشاج ، وكان الوسط منها أعدل ما فيها ، وكان هذا الامتزاج مشابه تماما لما يحدث عندما يخلق الإنسان فى بطن أمه.

الحلقة الأولى
الحلقة الثالثة
الحلقة الرابعة 

الحلقة الخامسة

الحلقة السادسة

الحلقة السابعة

الحلقة الثامنة 

الحلقة التاسعة

الحلقة العاشرةالحلقة الحلقة الحادية عشر

أحمد البوهى