تلخيص كتاب حى بن يقظان ( الحلقة الثامنة )
فلما وصل إلى هذه الحقيقة وعرف أن ما أصاب الظبية أمه من عطل ليس لحجب الآفة لعضو بها، وأن لكل عضو فعل يختص به فعرف ان الساكن فى ذلك البيت وهو الجسد قد أرتحل قبل هدمه ولن يعود إليه بعد ماحصل فيه من الخراب .
فبدأ يسأل نفسه عن هذا الساكن ماهو؟ وكيف هو؟ وما الذى ربطه بهذا الجسد؟ وإلى أين ذهب؟ ومن أى الأبواب خرج عند خروجه من هذا الجسد؟ وما الشئ الذى أزعجه ان كان قد خرج مكرهاً؟ وما الشئ الذى جعله يكره هذا الجسد إن كان قد خرج برغبته؟
فتشتت فكره بين كل هذه الأسئلة فترك هذا الجسد ورأى أن أمه التى عطفت عليه وأرضعته هى ذلك الشئ الذى ترك هذا الجسد ورحل عنه وكانت كل الأفعال التى تفعلها أمه تصدر عنه، وليس عن طريق هذا الجسد العاطل، والجسد إلا الآلة التى تنفذ أوامره وبمنزلة العصا التى يقاتل بها الوحوش، فانتقلت علاقته من الجسد إلى صاحب الجسد ومحركه ولم يشتاق الا إليه .
وأثناء تأملاته هذه نتن الجسد وفاحت منه روائح كريهة، فنفر منه أكثر وتمنى ألا يراه .
وفى تلك اللحظة رأى غرابان يقتتلان، فقتل أحدهما الآخر، فقام القاتل الذى بقى حياً بحفر حفرة وضع فيها الغراب الميت وردم الحفرة بعد ذلك بالتراب.
فاستحسن هذا الفعل على رغم من رفضه لقتل الغراب لأخيه وقال لنفسه : كان على ان أصل لهذا الفعل وأفعله مع أمى .
فحفر حفرة ووضع جسد أمه فيها وغطاها بالتراب.
أحمد البوهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق