جحا مدرساً

علم أعيان بلدته بفضل جحا وكماله فعينوه مدرساً وأرسلوا أبنائهم ليتعلموا من معارفه .

وفى ذات يوم عاد إبن أحد الأشراف إلى بيته فأختبره والده فى الدروس التى تعلمها من جحا فأجاب الولد على كل أسئلته بشكل صحيح أعجبت الوالد وسر سروراً كبيراً ومن شدة سروره أرسل له طبق من الحلوى مع خادمه .
وذهب الخادم إلى جحا وأعطاه طبق الحلوى أثناء الدرس وبعدها أضطر جحا للذهاب إلى مشوار مهم لا يستطيع تأجيله لبعد الدرس فوضع طبق الحلوى على رف بالفصل وقال للتلاميذ: إن هذا الطبق أرسله عدو لى وأظن أنه قد وضع لى فيه سم فلا تقتربوا منه أو تأكلوا منه شيئا فتموتوا وأكون أنا المسئول وأوضع فى غياهب السجن بسببكم .
وبعد أن إعتقد أن كلامه قد أثر فيهم ذهب إلى مشواره .
وكان ابن أخو جحا من ضمن التلاميذ وهو يعرف عمه جيداً ويعرف انه يحاول أن يخيفهم حتى لا يأكلوا من الحلوى أثناء غيابه وما أن خرج حتى أخد الحلوى من على الرف وجلس مع أصدقائه المقربين له بالفصل ودعاهم ليأكلوا معه الحلوى فقال له أصدقائه : ألم تسمع الشيخ وهو يقول أن الحلوى مسمومة ؟ فهل تريد أن نأكلها ونموت ؟
فقال لهم إبن أخيه : إنه يخدعكم حتى لا تأكلوها وأنا سآكلها فلا تلومونى بعد ذلك
فقال أصدقائه : سنأكل معك ولكن ماذا ستقول للشيخ عندما يعود ولايجد طبق الحلوى ؟
فقال : انتم تعرفونى ولقد جهزت حكاية ستجعله لا يستطيع أن يفعل معنا شيئاً فاطمئن الأولاد وأكلوا طبق الحلوى كله وهم يضحكون .
وبعد أن انتهوا قام إبن أخيه بكسر مبراته وبعدها بفترة عاد جحا ووجد مبراته قد كُسِرت فغضب غضباً شديداً وقال : من كسر هذه
فأشار كل الأولاد إلى إبن أخيه
فقال جحا له: لماذا كسرت المبراة ؟ والله لأكسر عظامك
فأخد الولد المحتال يبكى ويصخب وقال وهو يشهق : لقد إنكسر قلمى فأردت بريه فانكسرت المبرأة فغضبت غضباً شديداً وقلت لنفسى : كيف أواجه عمى ؟ وبماذا أجيبه ؟ وإنه سيضربنى ويكسر عظمى عند عودته ففضلت الموت على هذا العذاب وفكرت فى وسيلة أموت بها فلم أجد أفضل من أن آكل طبق الحلوى المسمومة فتشهدت وطلبت السماح من رفقائى وطلبت منهم أن يطلبوا من والدى وأختى أن يسامحانى وكذلك أمى المسكينة التى ستحزن علىَّ حزناً شديداً وأغمضت عينى وأكلت طبق الحلوى وإنتظرت الموت ولكنى لم أمت
وبعد أن أنهى كلامه لم يستطيع جحا أن يعاقبه وتركه وهو فى قمة غضبه .