حكايات الحمال مع البنات(١٩)
ويواصل الدرويش الثانى حكايته قائلاً: فقال لهم الريس دعوه يكتب فإن لخبط الكتابة طردناه عنا وإن أحسنها اتخذته ولداً فإنى ما رأيت قرداً أفهم منه ثم أخذت القلم وغمسته الحبر وكتبت سطراً بقلم الرقاع وكتبت هذا الشعر :
لقد كتب الدهر فضل الكرام وفضلك للآن لايحـسـب
فلا أيتم الله ( جعله يتيم ) منـك الـورى لأنك للفضل نـعـم الأب
ثم كتبت بقلم الثلث هذين البيتين :
وما من كاتب إلاسيفـنـى ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شىء يسرك فى القيامة أن تراه
ثم كتبت تحته بخط المشق هذين البيتين :
إذا فتحت دواة العز والـنـعـم فاجعل مدادك من جود ومن كرم
واكتب بخير إذا ما كنت مقتـدراً بذاك شرفت فضلاً نسبه القلـم
ثم ناولتهم ذلك الدرج الورق فطلعوا به إلى الملك فلما تأمل الملك ما فى ذلك الدرج لم يعجبه خط أحد إلا خطى فقال لأصحابه : توجهوا إلى صاحب هذا الخط وألبسوه هذه الحلة وأركبوه بغلة وهاتوه بالنوبة وأحضروه بين يدى فلما سمعوا كلام الملك تبسموا فغضب منهم ثم قال : كيف آمركم بأمر فتضحكون علىَّ فقالوا : أيها الملك لا نضحك على كلامك بل الذى كتب هذا الخط قرد وليس هو آدمياً وهو مع ريس المركب فتعجب الملك من كلامهم واهتز من الطرب وقال : أريد أن أشترى هذا القرد ثم بعث رسلا إلى المركب ومعهم البغلة والحلة وقال : لابد أن تلبسوه هذه الحلة وتركبوه البغلة وتأتوا به فساروا إلى المركب وأخذونى من الريس وألبسونى الحلة فاندهش الخلائق وصاروا يتفرجون على فلما طلعوا بى للملك ورأيته قمت بتحيته فأمرنى بالجلوس فجلست على ركبتى فتعجب الحاضرون من أدبى وكان الملك أكثرهم تعجبا ثم أن الملك أمر الخلق بالإنصراف فانصرفوا ولم يبق إلا الملك والطواشى ( كلمة تركية تعنى الخادم المخصى ) ومملوك صغير وأنا ثم أمر الملك بطعام فقدموا سفرة طعام فيها ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين فأشار إلى الملك أن آكُل معه فقمت بتحيته وجلست آكل معه وقد ارتفعت السفرة وذهبت فغسلت يدى وأخذت الدواة والقلم والقرطاس وكتبت هذين البيتين :
أتاجر الضأن ترياق من العلـل وأصحن الحلو فيها منتهى أملى
يا لهف قلبي على مد السماط إذا ماجت كنافته بالسمن والعسـل
ثم قمت وجلست بعيدا والملك ينظر إلى ما كتبته وقرأه فتعجب وقال : كيف يكون عند قرد هذه الفصاحة وهذا الخط ؟ والله إن هذا من أعجب العجب ثم أحضروا للملك شطرنج فقال لى الملك : أتلعب
قلت برأسى : نعم فتقدمت وصففت الشطرنج ولعبت معه مرتين فغلبته فحار عقل الملك وقال : لو كان هذا آدميا لفاق أهل زمانه ثم قال لخادمه : إذهب إلى سيدتك وقل لها كلمى الملك حتى تجىء فتتفرج على هذا القرد العجيب فذهب الطواشى وعاد معه سيدته بنت الملك فلما نظرت إلي غطت وجهها وقالت : يا أبى كيف طاب على خاطرك أن ترسل إلى فيرانى الرجال الأجانب فقال يابنتى ما عندك سوى المملوك الصغير والطواشى الذى رباك وهذا القرد وأنا أبوك فممن تغطين وجهك
فقالت : إن هذا القرد إبن ملك وإسم أبيه إيمار صاحب جزائر الأبنوس الداخلة وهو مسحور وسحره العفريت جرجريس الذى هو من ذرية إبليس وقد قتل زوجته بنت ملك أقناموس وهذا الذى تزعم أنه قردا إنما هو رجل عالم عاقل فتعجب الملك من إبنته ونظر إلى وقال: أحق ما تقول عنك فقلت برأسى : نعم وبكيت فقال الملك لبنته : من أين عرفت أنه مسحور ؟
فقالت : يا أبت كان عندى وأنا صغيرة عجوز ماكرة ساحرة علمتنى السحر وقد حفظته وأتقنته وعرفت مائة وسبعين بابا من أبوابه أقل باب منها أنقل به حجارة مدينتك خلف جبل قاف وأجعلها لجة بحر وأجعل أهلها سمكا فى وسطه
فقال أبوها : بحق إسم الله عليك أن تخلصى لنا هذا الشاب حتى أجعله وزيرى وان كانت فيك هذه الفضيلة ولم أعلم فخلصيه حتى أجعله وزيرى لأنه شاب ظريف لبيب .
لقد كتب الدهر فضل الكرام وفضلك للآن لايحـسـب
فلا أيتم الله ( جعله يتيم ) منـك الـورى لأنك للفضل نـعـم الأب
ثم كتبت بقلم الثلث هذين البيتين :
وما من كاتب إلاسيفـنـى ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شىء يسرك فى القيامة أن تراه
ثم كتبت تحته بخط المشق هذين البيتين :
إذا فتحت دواة العز والـنـعـم فاجعل مدادك من جود ومن كرم
واكتب بخير إذا ما كنت مقتـدراً بذاك شرفت فضلاً نسبه القلـم
ثم ناولتهم ذلك الدرج الورق فطلعوا به إلى الملك فلما تأمل الملك ما فى ذلك الدرج لم يعجبه خط أحد إلا خطى فقال لأصحابه : توجهوا إلى صاحب هذا الخط وألبسوه هذه الحلة وأركبوه بغلة وهاتوه بالنوبة وأحضروه بين يدى فلما سمعوا كلام الملك تبسموا فغضب منهم ثم قال : كيف آمركم بأمر فتضحكون علىَّ فقالوا : أيها الملك لا نضحك على كلامك بل الذى كتب هذا الخط قرد وليس هو آدمياً وهو مع ريس المركب فتعجب الملك من كلامهم واهتز من الطرب وقال : أريد أن أشترى هذا القرد ثم بعث رسلا إلى المركب ومعهم البغلة والحلة وقال : لابد أن تلبسوه هذه الحلة وتركبوه البغلة وتأتوا به فساروا إلى المركب وأخذونى من الريس وألبسونى الحلة فاندهش الخلائق وصاروا يتفرجون على فلما طلعوا بى للملك ورأيته قمت بتحيته فأمرنى بالجلوس فجلست على ركبتى فتعجب الحاضرون من أدبى وكان الملك أكثرهم تعجبا ثم أن الملك أمر الخلق بالإنصراف فانصرفوا ولم يبق إلا الملك والطواشى ( كلمة تركية تعنى الخادم المخصى ) ومملوك صغير وأنا ثم أمر الملك بطعام فقدموا سفرة طعام فيها ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين فأشار إلى الملك أن آكُل معه فقمت بتحيته وجلست آكل معه وقد ارتفعت السفرة وذهبت فغسلت يدى وأخذت الدواة والقلم والقرطاس وكتبت هذين البيتين :
أتاجر الضأن ترياق من العلـل وأصحن الحلو فيها منتهى أملى
يا لهف قلبي على مد السماط إذا ماجت كنافته بالسمن والعسـل
ثم قمت وجلست بعيدا والملك ينظر إلى ما كتبته وقرأه فتعجب وقال : كيف يكون عند قرد هذه الفصاحة وهذا الخط ؟ والله إن هذا من أعجب العجب ثم أحضروا للملك شطرنج فقال لى الملك : أتلعب
قلت برأسى : نعم فتقدمت وصففت الشطرنج ولعبت معه مرتين فغلبته فحار عقل الملك وقال : لو كان هذا آدميا لفاق أهل زمانه ثم قال لخادمه : إذهب إلى سيدتك وقل لها كلمى الملك حتى تجىء فتتفرج على هذا القرد العجيب فذهب الطواشى وعاد معه سيدته بنت الملك فلما نظرت إلي غطت وجهها وقالت : يا أبى كيف طاب على خاطرك أن ترسل إلى فيرانى الرجال الأجانب فقال يابنتى ما عندك سوى المملوك الصغير والطواشى الذى رباك وهذا القرد وأنا أبوك فممن تغطين وجهك
فقالت : إن هذا القرد إبن ملك وإسم أبيه إيمار صاحب جزائر الأبنوس الداخلة وهو مسحور وسحره العفريت جرجريس الذى هو من ذرية إبليس وقد قتل زوجته بنت ملك أقناموس وهذا الذى تزعم أنه قردا إنما هو رجل عالم عاقل فتعجب الملك من إبنته ونظر إلى وقال: أحق ما تقول عنك فقلت برأسى : نعم وبكيت فقال الملك لبنته : من أين عرفت أنه مسحور ؟
فقالت : يا أبت كان عندى وأنا صغيرة عجوز ماكرة ساحرة علمتنى السحر وقد حفظته وأتقنته وعرفت مائة وسبعين بابا من أبوابه أقل باب منها أنقل به حجارة مدينتك خلف جبل قاف وأجعلها لجة بحر وأجعل أهلها سمكا فى وسطه
فقال أبوها : بحق إسم الله عليك أن تخلصى لنا هذا الشاب حتى أجعله وزيرى وان كانت فيك هذه الفضيلة ولم أعلم فخلصيه حتى أجعله وزيرى لأنه شاب ظريف لبيب .
أحمد البوهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق