حكايات الحمال مع البنات(٣٤)
وتكمل الصبية الثانية حكايتها للملك وتقول بيت شعر توصف به جمال الشاب الذى رأته :كما قال الشاعر:
قد زاد حسنا تبارك الـلـه جل الذى صاغـه وسـواه
قد حاز كل الجمال منفـردا
كل الورى فى جماله تهواه
قد كتب الحسن فوق وجنتيه
أشهد أن لا مليح إلا هـو فلما نظرت إليه مال قلبى له ثم جاء وجلس وإذا بالقاضى قد دخل ومعه أربعة شهود فسلموا وجلسوا ثم أنهم كتبوا كتابى على ذلك الشاب وانصرفوا فالتفت الشاب إلى وقال : ليلتنا مباركة ثم قال : يا سيدتى أنى شارط عليك شرطاً
فقلت يا سيدى : وما الشرط فقام وأحضر لى مصحفا وقال : احلفى لى أنك لا تختارى أحدا غيرى ولا تميلى إليه فحلفت له على ذلك ففرح فرحا شديدا وعانقنى فأخذت محبته بمجامح قلبى وقدموا لنا السماط فأكلنا وشربنا حتى اكتفينا فدخل علينا الليل فأخذنى ونام معى على الفراش وبتنا فى عناق إلى الصباح ولم نزل على هذه الحالة مدة شهر ونحن فى هناء وسرور وبعد الشهر استأذنته فى أن أسير إلى السوق وأشترى بعض قماش فأذن لى فى الذهاب فلبست ثيابى وأخذت العجوز معى ونزلت في السوق فجلست على دكان تاجر تعرفه العجوز وقالت لى : هذا ولد صغير مات أبوه وخلف مالا كثيرا ثم قالت : له هات أعز ما عندك من القماش لهذه الصبية
فقال لها : سمعا وطاعة فصارت العجوز تثنى عليه
فقلت : ما لنا حاجة بثنائك عليه لأن مرادنا أن نأخذ حاجتنا منه ونعود إلى منزلنا فأخرج لنا ما طلبناه وأعطيناه الدراهم فأبى أن يأخذ شيئا وقال : هذه ضيافتكما اليوم عندى
فقلت للعجوز : إن لم يأخذ الدراهم أعطه قماشه
فقال : والله لا آخذ شيئا والجميع هدية من عندى فى قبلة واحدة فإنها عندى أحسن من ما فى دكانى
فقالت العجوز ؛ ما الذى يفيدك من القبلة ثم قالت : يا بنتى قد سمعت ما قال هذا الشاب وما يصيبك شىء اخذ منك قبلة وتأخذين ما تطلبينه
فقلت لها : أما تعرفين أنى حالفة
فقالت : دعيه يقبلك وأنت ساكتة ولا عليك شىء وتأخذين هذه الدراهم ولازالت تُحسّْن لى الأمر حتى أقنعتنى أن أفعل ورضيت بذلك ثم إنى غطيت عينى وداريت بطرف إزارى من الناس وحط فمه تحت إزارى على خدى فما أن قبلنى حتى عضنى عضة قوية حتى قطع اللحم من خدى فغشى على فأخذتنى العجوز فى حضنها .
أحمد البوهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق