حكايات الحمال مع البنات(٤١)
ويكمل الشاب حكايته للملك قائلاً : وبعد عودتى من البصرة ومعه الثلاث تفاحات دخلت وناولتها إياها فلم تفرح بها بل تركتها فى جانبها وكان مرض الحمى قد اشتد بها ولم تزل فى ضعفها إلى أن مضى لها عشرة أيام وبعد ذلك عوفيت فخرجت من البيت وذهبت إلى دكانى وجلست فى بيعى وشرائى فبينما أنا جالس فى وسط النهار وإذا بعبد أسود مر على وفى يده تفاحة يلعب بها فقلت له : من أين هذه التفاحة حتى آخذ مثلها فضحك وقال أخذتها من حبيبتى وأنا كنت غائبا وجئت فوجدتها ضعيفة وعندها ثلاث تفاحات فقالت : إن زوجى الديوث سافر من أن يحضرها لى من البصرة فاشتراها بثلاثة دنانير فأخذت منها هذه التفاحة فلما سمعت كلام العبد يا أيها الملك اسودت الدنيا فى وجهى وقفلت دكانى وجئت إلى البيت وأنا فاقد العقل من شدة الغيظ فلم أجد التفاحة الثالثة فقلت لها: أين التفاحة الثالثة فقالت لا أدرى ولا أعرف أين ذهبت فتحققت قول العبد وقمت وأخذت سكينا وركبت على صدرها ونحرتها بالسكين وقطعت رأسها وأعضائها ووضعتها فى القفة بسرعة وغطيتها بالإزار ووضعت عليها شقة بساط وأنزلتها فى الصندوق وقفلته وحملتها على بغلتى ورميتها فى نهر دجلة بيدى فبالله عليك يا أيها الملك أن تعجل بقتلى قصاصاً لها فإنى خائف من مطالبتها يوم القيامة فإنى لما رميتها فى نهر دجلة ولم يعلم بها أحد رجعت إلى البيت فوجدت ولدى الكبير يبكى ولم يكن له علم بما فعلت فى أمه فقلت له ما يبكيك فقال إنى أخذت تفاحة من التفاح الذى عند أمى ونزلت بها إلى الزقاق ألعب مع إخوتى وإذا بعبد طويل خطفها منى وقال لى من أين جاءتك هذه فقلت له هذه سافر أبى وجاء بها من البصرة من أجل أمى وهى ضعيفة واشترى ثلاث تفاحات بثلاثة دنانير فأخذها منى وضربنى وراح بها فخفت من أمى أن تضربنى بسبب هذه التفاحة فلما سمعت كلام الولد علمت أن العبد هو الذى افترى الكلام الكذب على بنت عمى وتحققت أنها قُتلت ظلما ثم إنى بكيت بكاء شديدا وإذا بهذا الشيخ وهو عمى والدها قد أقبل فأخبرته بما كان فجلس بجانبى وبكى ولم نزل نبكى إلى نصف الليل وأقمنا العزاء خمسة أيام ولم نزل إلى هذا اليوم ونحن نتأسف على قتلها فبحرمة أجدادك أن تعجل بقتلى وتقتص منى فلما سمع الملك كلام الشاب تعجب وقال : والله لا أقتل إلا العبد الخبيث وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق