حكاية الحمال مع البنات(٢)

وبعد أن إنبهر الحمال بجمال الصبية التى فتحت لهم الباب قالت له وللدلالة التى إشترت البضائع من السوق : مرحباً

ودخلوا خلفها حتى وصلوا إلى قاعة فسيحة مزركشة مليحة بها مصاطب وخزائن وستائر مرخية على حوائطها وفى وسط القاعة سرير من المرمر مرصع بالدر والجواهر وعليه ناموسية حمراء اللون ومن داخله صبية بعيون بابلية وقامة ألفية ووجه يخجل الشمس المضيئة، فكأنها بعض الكواكب الدرية أو عقيلة عربية كما قال فيها الشاعر:
من قاس قدك بالغصن الرطيب فقد أضحى القياس به زوراً وبهتانـا
الغصن أحسن ما تلقاه مكتسيـــاً

وأنت أحسن ما تلقـاه عـريانـا
فنهضت الصبية الثالثة من فوق السرير ومشيت قليلاً إلى أن صارت في وسط القاعة عند أختيها وقالت : لما تقفوا هكذا حطوا عن رأس هذا الحمال المسكين مايحمله فجاءت الدلالة من قدامه والبوابة من خلفه وساعدتهما الثالثة وحططن عن الحمال وأفرغن ما في القفص ووضعوا كل شئ فى محله وأعطين الحمال دينارين

وقلن له : يمكن أن تنصرف يا حمال

فنظر إلى البنات وما هن فيه من الحسن والطبائع الحسان فلم ير أحسن منهن ولكن ليس عندهن رجال ونظر ما عندهن من الشراب والفواكه والمشمومات وغير ذلك فتعجب غاية العجب ووقف مكانه ولم يخروج

فقالت له الصبية : ما بالك لا تمشى ؟ هل أنت استقللت الأجرة ؟ والتفتت إلى أختها وقالت لها : أعطيه ديناراً آخر

فقال الحمال : والله يا سيداتي إن أجرتي نصفان وما استقللت الأجرة وإنما اشتغل قلبي وسرى بكن وكيف حالكن وأنتن وحدكن وما عندكن من الرجال ولا أحد يؤانسكن ولا يكمل حظ النساء إلا الرجال وكما قال الشاعر:
أنظر إلى أربع عندى قد إجتمعت
جنك وعود وقانون ومزمار
وانتن ثلاثة وتفتقرن الى رابع يكون رجلاً عاقلاً لبيباً حاذقاً للأسرار كاتماً
فقلن له : نحن بنات وتخاف أن نودع السر عند من لا يحفظه وقد قرأنا فى الأخبار شعراً يقول :
صن عن سواك السر لاتودعنه
من أودع السر فقد ضيعه
فلما سمع الحمال كلامهم قال : إنى رجل أمين عاقل قرأت الكتب وإطلعت على التاريخ أظهر الجميل وأخفى القبيح وأعمل بقول الشاعر :
لا يكتم السر إلا كل ذى ثقة
والسر عند خيار الناس مكتوم
والسر عندى فى بيت له غالق
ضاعت الفاتحة والباب مختوم .

حكاية الملك شهريار وأخيه الملك شاه زمان

الحكاية الأولى ( حكاية التاجر مع العفريت )

الحكاية الثانية ( حكاية الصياد مع العفريت )

الحلقة التاسعة والثلاثين
الحلقة الأربعين