حكايات الحمال مع البنات(٢٩)
وتكمل الصبية حكايتها للملك قائلة : وبعد أن جلست على السرير وتغطيت بلحاف بعد أن قرأت شيئا من القرآن وحاولت أن انام فلم أستطع ولحقنى القلق فلما انتصف الليل سمعت تلاوة القرآن بصوت حسن رقيق فالتفت إلى مخدع فرأيت بابه مفتوحا فدخلت الباب ونظرت المكان فإذا هو مسجد وفيه قناديل معلقة موقدة وفيه سجادة مفروشة جالس عليها شاب حسن المنظر فتعجبت كيف هو سالم دون أهل المدينة فدخلت وسلمت عليه فرفع بصره ورد علي السلام فقلت له أسألك بحق ما تتلوه من كتاب الله أن تجيبنى عن سؤالى فتبسم وقال أخبرنى عن سبب دخولك هذا المكان وأنا أخبرك بجواب ما تسألينه عنه فأخبرته بخبرى فتعجب من ذلك ثم إنني سألته عن خبر هذه المدينة فقال أمهليني ثم طبق المصحف وادخله كيس من الأطلس وأجلسنى بجنبه فنظرت إليه فإذا هو كالبدر حسن الأوصاف لين الأعطاف بهى المنظر رشيق القد أسيل الخد زهى الجنات كأنه المقصود من هذه الأبيات :
رصد النجم ليلـه فـبـدا لـه
قد المليح يمـيس فـي بـرديه
وأمـد زحـل ســواد ذوائب
والمسك هادى الخال فى خديه
وغدت من المربح حمرة خـده
والقوس يرمى النبل من جفنيه
وعطارد أعطاه فـرط ذكـائه
وأبى السُها نظر الوشـاة إلـيه
فغدا المنجم حائرا مـمـا أرى
والأرض باس الأرض بين يديه
فنظرت له نظرة أعقبتنى ألف حسرة وأوقدت بقلبى كل جمرة فقلت له يا مولاى أخبرنى عما سألتك فقال سمعا وطاعة أعلمى أن هذه المدينة مدينة والدى وجميع أهله وقومه وهو الملك الذى رأيته على الكرسى ممسوخا حجرا وأما الملكة التى رأيتها فهى أمى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق