حكايات الحمال مع البنات (٢٧)
وتكمل الصبية حكايتها للملك قائلة :
وبعد أن مات والدنا وترك لنا المال كنت أنا اصغرهن سنا فتجهزت أختاى وتزوجت كل واحدة برجل ومكثنا مدة ثم إن كل واحد من أزواجهما هيأ متجرا واخذ من زوجته ألف دينار وسافروا مع بعضهم وتركوني فغابوا أربع سنين وضيع زوجاهما المال وخسرا وتركاهما فى بلاد الناس فجاءانى في هيئة الشحاتين فلما رأيتهما ذهلت عنهما ولم أعرفهما ثم إنى لما عرفتهما قلت لهما : ما هذا الحال فقالتا : يا أختاه إن الكلام لا يفيد الآن وقد جرى القلم بما حكم الله فأرسلتهما إلى الحمام وألبست كل واحدة حلة وقلت لهما يا أختاى أنتما أكبر منى وأنا الصغيرة وأنتم عوض عن أبى وأمى والإرث الذى تأخذانه معكما قد جعل الله فيه البركة فكلا من زكاته وأحوالى جليلة وأنا وأنتما سواء وأحسنت إليهما غاية الإحسان فمكثا عندى مدة سنة كاملة وصار لهما مال من مالى فقالتا لى أن الزواج خير لنا وليس لنا صبر عنه فقلت لهما يا أختى لم تريا فى الزواج خيرا فإن الرجل الجيد قليل فى هذا الزمان وقد اخترتما الزواج فلم يقبلا كلامى وتزوجا بغير رضاي فزوجتهما من مالى وسترتهما ومضتا مع زوجيهما فأقاما مدة يسيرة ولعب عليهما زوجهما وأخذ ما كان معهما وسافرا وتركاهما فجاءتا عندى وهما عريانتين واعتذرتا وقالتا لا تؤاخذينا فأنت أصغر منا سنا وأكمل عقلا وما بقينا نذكر الزواج أبدا فقلت مرحبا بكما يا أختاى ما عندي أعز منكما وقبلتهما وزدتهما إكراما ولم تزل على هذه الحالة سنة كاملة فأردت أن أجهز لى مركبا إلى البصرة فجهزت مركبا كبيرة وحملت فيها البضائع والمتاجر وما أحتاج إليه فى المركب وقلت يا أختاى هل لكما أن تقعدوا في المنزل حتى أسافر وأرجع أو تسافرا معى فقالتا نسافر معك فإنا لا نطيق فراقك فأخذتهما وسافرنا وكنت قسمت مالى نصفين فأخذت النصف وخبأت النصف الثانى وقلت ربما يصيب المركب شىء ويكون فى العمر مدة فإذا رجعنا نجد شيئا ينفعنا ولم نزل مسافرين أياما وليالى فتاهت بنا المركب وغفل الريس عن الطريق ودخلت المركب بحرا غير البحر الذى نريده ولم نعلم بذلك مدة وطاب لنا الريح عشرة أيام فلاحت لنا مدينة على بعد فقلنا للريس ما إسم هذه المدينة التي أشرفنا عليها فقال والله لا أعلم ولا رأيتها قط ولا سلكت عمرى هذا البحر ولكن جاء الأمر بسلامة فما بقى إلا أن تدخلوا هذه المدينة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق