حكايات الحمال مع البنات(٢٥)
ويكمل الصعلوك حكايته قائلاً : وبعدها طلع العبيد ومعهم ثياب أحسن ما يكون وفى وسطهم شيخ كبير هرم قد عمر زمنا طويلا وأضعفه الدهر حتى صار فانيا ويد ذلك الشيخ فى يد صبى قد أُفرغ فى قالب الجمال وأُلبس حلة الكمال حتى أنه يضرب بحسنه الأمثال وهو كالقضيب الرطب يسحر كل قلب بجماله ويسلب كل لب بكماله فلم يزالوا يا سيدتى سائرين حتى أتوا إلى الطابق ونزلوا فيه وغابوا عن عينى فلما توجهوا قمت ونزلت من فوق الشجرة ومشيت إلى موضع الردم ونبشت التراب ونقلته وصبرت نفسى حتى أزلت جميع التراب فانكشف الطابق فإذا هو خشب مقدار حجر الطاحون فرفعته فبان من تحته سلم معقود من حجر فتعجبت من ذلك ونزلت السلم حتى إنتهيت إلى آخره فوجدت شيئا نظيفا ووجدت بستانا وثانيا إلى تمام تسعة وثلاثين وكل بستان أرى فيه ما يكل عنه الواصفون من أشجار وأنهار وأثمار وذخائر ورأيت بابا فقلت فى نفسى ما الذى فى هذا المكان فلابد أن أفتحه وأنظر ما فيه ثم فتحته فوجدت فيه فرساً مسرجاً ملحماً مربوطاً ففككته وركبته فطار بى إلى أن حطنى على سطح وأنزلنى وضربنى بذيله فأتلف عينى وفر منى فنزلت من فوق السطح فوجدت عشرة شبان عور فلما رأونى قالوا : لا مرحبا بك
فقلت لهم : أتقبلونى أجلس عندكم فقالوا والله لا تجلس عندنا فخرجت من عندهم حزين القلب باكى العين وكتب الله لي السلامة حتى وصلت إلى بغداد فحلقت ذقنى وصرت صعلوكاً فوجدت هذين الإثنين العورين فسلمت عليهما وقلت لهما : أنا غريب
فقالا : ونحن غريبان فهذا سبب تلف عينى وحلق ذقنى فقالت له : أمسح على رأسك وروح
فقال : لا أروح حتى أسمع قصة هؤلاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق